الثلاثاء، 6 سبتمبر 2011

كيف تقترض من الشغالة?


بقلم: عبدالعزيز بن حارب المهيري

اليوم هو الرابع من شهر سبتمبر، إذا كنت سنتظر نزول الراتب فسوف تنتظر طويلا، أدعوك الآن بشكل واضح وصريح لتتصل بالبنك الذي فيه حسابك المصرفي، عند الاستفسار عن الرصيد – وكالمعتاد – لا تدعه يكمل اضغط على الرقم (1) حاول أن تقوم بتلك العملية دون أن يراك أحد، لأن دموعك غالية عليّ، ستسمع في البنك الناطق العبارة التالية (للتحدث إلى موظف خدمة المتعاملين اضغط (صفر) لا تضغط على (صفر) فقد جرّبت قبلك ..لا يُسلّفون).
         لماذا تتنهد؟ عرفت اليوم حجم الذي أنفقته في موسم العيد؟ لا داعي للنظر ثانية إلى المحفظة، فقد تفحصتَها قبل قليل ماذا وجدت؟ هل أخبرك أحد أن المحافظ هذه الأيام تلد؟ كما أني لا أفضل أن تدعو على زوجتك وعيالك .. في الأخير هُم مثل أهلك، إذا لم تحرك ساكنا وقررت انتظار نزول الراتب فأنت واحد من اثنين، إما أن تكون من الرجال الذين يملكون الحجة والبرهان وتستطيع خداع زوجتك بالكلام المنمق والجميل، وعلى حدّ علمي أن هذه الصنف من الرجال انقرض مع دخول التتار إلى بغداد، وإما أنك من الشجاعة بمكان بحيث تستطيع مواجهة حرمك المصون قائلا لها بكل قوة وجبروت: نعم ليس لديّ مال.. أريني ماذا ستصنعين؟ إذا قررت أن تكون كذلك فاسمح لي أنا لا أحب هذه الشجاعة الزائفة، تحمّل وحدك عواقب قرارك، وتفاهم معها بالطريقة التي ترونها أو تراها هي مناسبة، فقد سمعت بأنهن هذه الأيام يستخدمن أواني ومواعين الطبخ في التفاهم، ولهذا السبب لم أقم مطلقا أثناء حياتي بشراء قِدْر الضغط تحسبا لمثل هذه اللحظات المفصلية، عزائي الوحيد أن الزوجات إلى اليوم لا يستطعن حمل اسطوانات الغاز.
         لماذا تتحسس رأسك؟ الحمد لله أنك عدت إلى رشدك، لأنها لن تكون (فلفوصة) صغيرة في الرأس، في أفضل التقديرات أن حجم الإصابة لن تتمكن من إخفائه بالغترة والعقال، حتى لو افترضنا أنك قادر على ذلك، قل بربّك كيف ستُخفي الكدمات التي بوجهك؟ أو ماذا ستصنع بالجبيرة التي تلف يدك؟ وماذاستقول للناس عندما يسألونك عن العرج الذي يرونه في مشيتك؟
         ممتاز .. قرارك حكيم بترك الشجاعة الزائفة، ما الحل؟ الحل بين أيدينا لكننا نغفل عنه، لا ليست عيدية العيال، تحدثنا عن هذا الموضوع في مقال سابق، ما سأتحدث عنه هو مدخرات الشغالة!! لا تنظروا إلي هكذا !! إما أن تسمعوني إلى الآخر أو (بلاها) خلاص سأجلس أنصتوا إليّ جيدا، خلّونا نحسبها معاكم، ماذا تصنع الشغالة براتبها؟ إذا كانت تأكل وتشرب مجانا، وتسكن مجانا، فيمَ إذا تصرف مدخراتها؟ لاشيء.. سوى إرسال النقود إلى زوجها، وهو إما أن يفتح بها مشروعا تجاريا يفشل بعد شهرين من بَدئه، وإما - وما أدراك ما إما – يتزوج عليها من فلوسها التي ترسلها له، رأيتم غدر الرجال، من أموالها يتزوج عليها، لكن بالمناسبة هذه طبيعة الرجال عندهم، الرجال عندنا مختلفون تماما، الرجال عندنا لا يتزوجون من فلوس زوجاتهم.. الرجال عندنا يتزوجون من فلوسهم.
         جحا أولى بلحم توره.. وأنت أولى بفلوسها من زوجها الغدّار الخائن ناكر العشرة (زكي رستم في أحد أفلامه) أنت لم تأخذ الفلوس لك شخصيا، بل أخذتها لهدف نبيل وهو ألا يتزوج زوجها عليها، لكن للأسف الشديد قلتها مرارا وتكرارا وسأبقى أقولها ما حييت، اخواني المواطنين لا يعرفون كيف يقترضون من الشغالات، إما بحجة الحياء، وإما بحجة أن هذا التصرف قد ينتقص من كرامتهم (ما يحتاي) وأي كرامة يا صاحب الكرامة ووجهك كله كدمات (طبعا انت تعرف سبب الكدمات ما في داعي أعيد وأكرر) أما كيف تقترض من الشغالة وماذا تقول لها فاسمع بارك الله فيك:
·      في العيد قدّم لشغالتك عيدية أكثر مما هي معتادة عليه – هذا على افتراض أنك تعطيها عيدية كل عيد (لا يكون بعد ما تعطيها عيدية؟)
·      أثناء تقديم العيدية لها، امدحها أمام زوجتك (مسكينة فلانة وايد طيبة) هي بشكل تلقائي ستبتسم وتغادر المكان (أونها تستحي.. علينا ها الحركات؟)
·      اطلب منها أن تتصل بأهلها للسلام عليهم والاطمئنان، لا مانع من أن تشتري لها بطاقة للاتصالات على نفقتك الخاصة.
·      لاتكثر عليها الطلبات في الأيام التي تسبق عملية السلف.
         بعد أن تقوم بتلك الاحتياطات.. الآن جاءت اللحظة الحاسمة، أعرف أن الكثيرين لا يحبون هذه اللحظات العاطفية، لكن ماذا عساي أن أقول.. هكذا هي الحياة، أفراح وأتراح والمسافر راح في سكة سفر فيها مشاوير العمر.. (مب جنّي دخلت سكة بالغلط؟)
·      عندما تطلب منها لا تتوقع منها جدالا أو صراخا (يا حبيبي هذي الشغالة وليست المدام) ، لذلك كلمها بكل ثقة، ضعْ عينيك في عينيها، لا تظنّ للحظة أنك أقل منها مكانة أو منزلة، حاول أن تحسسها أنك وهي في نفس المستوى، الشعور بالندّيّة مهم في عملية التفاوض، إذا أحستْ بضعفك تأكد أنك لن تحصل على أكثر من 50% مما كنت تطمح له.
·      أَشْعرها أن المسألة برمّتها عادية عند المواطنين، وكل البيوت يتسلف أصحابها من الشغالات، إذا شعرت بتردّدها أو شكّها استشهد بأسماء بعض الجيران، احرص أن تكون أسماء الجيران وهمية حتى لا تفكر بسؤال شغالاتهم عن مصداقية المعلومة.
·      عند نزول راتبك سدد لها المبلغ كاملا حتى تضمن أن تُسلّفك في المرات القادمة دون مشاكل.
·      جميع ما ذُكر يجب أن يتم بعيدا عن نظر المدام ودون علمها، لأنك قد تفتح على نفسك بابا لن يغلق، إذ أنها –أقصد المدام- في المستقبل ستسبقك إلى الشغالة، وتلتزم أنت بعدها بسداد الدين.
         إن ما يدعوني لمثل هذه النصائح هو الانكسار الذي أراه على ملامح اخواني المواطنين بعد موسم الأعياد، يجب أن ننظر إلى الشغالات كفرصة عظيمة ساقتها الأقدار في طريقنا، اليوم هم بيننا غدا من يدري قد يتركوننا إلى غير رجعة، ونكون بذلك قد ضيعنا فرصة ذهبية، ونندم وقت لا يفيد الندم.
         اخواني ... أنتم مواطنون.. والمواطن يقترض وهو رافع الرأس، لم نسمع أبدا في التاريخ الحديث أن مواطنا استلف أو اقترض وكان يشعر بالانكسار، فارفع رأسك يا أخي ولا تخجل.. إلى الاقتراض من الشغالة إلى الاقتراض إلى الاقتراض ثورة..ثورة..ثورة..


هناك تعليقان (2):

  1. وااااااااااااااااااااااااااااو .. عمي عبد العزيز ..أبدعت .. أنتظر مقالاتك على أحر من دغوووس أبو صقر

    ردحذف
  2. هههههههههه
    بجد استانست من مقالاتك
    واعجبت من اسلوبك في التعامل مع الامور

    ردحذف