الخميس، 6 أكتوبر 2011

روح أفزا

بقلم: عبدالعزيز بن حارب المهيري
الله أكبر... فُتحتْ خيبر.. زوجي يحضر لي وردا؟! لا أكاد أصدق!! تفضلي حبيبتي.. تعبيرا عن حبي لك، لحظة لحظة يا زوجي.. هل كان لديكم اليوم احتفال في الوزارة وأهدوكم وردا؟ ولماذا هذا السؤال؟ لأنه بكل بساطة هناك آثار بطاقة نُزعتْ منها؟ آآآآ...(شكله راح فيها) اعترف ماذا كان مكتوبا فيها؟  طأطأ رأسه قائلا :كان مكتوبا فيها إدارة الموارد البشرية تهنئكم باليوم الوطني التاسع والثلاثين.
ولمَ لا تحضر لي وردا من تلقاء نفسك؟ ماذا؟ ورد؟ مستحيل!! آخر مرة اشتريت لك وردا رآني موظف يعمل معي، لم يصدق خبرا، أخبر كل الموظفين، أصبحت علكة في أفواههم سنة كاملة، هل تعرفين اللقب الذي أطلقوه عليّ؟! "الزوج الحليوه العاجفي" إنه مجتمع الرجال الذي يسخر من كل زوج يعبّر عن حبه لزوجته.. اللهم زلزل .... أستغفر الله العظيم.
في ذكرى زواجنا قال لي لا تطلبي شيئا، سأحضر الطعام بنفسي هذه المرة، تصورتُ أنه سيحضر كيكة "موجادور" مثلا من مقهى شكسبير، تخيلوا ماذا أحضر؟؟ لن تصدقوا!! مَندي !! مندي في ذكرى زواجنا؟! اهئ .. اهئ .. أكاد أبكي، من الآن أقول لكم إذا سمعتم في يوم من الأيام أن الرومانسية (باعت كشارها) وهاجرت البرازيل فاعلموا أن زوجي هو السبب.
يبدو أن مخزون الزوج من الكلام العذب والرومانسية ينضب بعد ثلاثة أشهر من الزواج، في يوم ميلاده أردت أن أحتفل معه بطريقة خاصة، أحضرت له كيكة الورد وهي كيكة رهيبة مزينة ببتلات ورود طبيعية، بعد أن أكل منها سألته ما رأيك في الكيكة؟ قال لي أول مرة آكل كيكة "روح أفزا" !! من أين اشتريتها كراتشي دربار؟ تجاهلتُ فضاضته مكرهة، ثم تناول بتلة وقربها من فمه وسألني
-    ها الورد للزينة وإلا للأكل؟
-    لا للأكل
-    وايد زين حطي كل الورود في كيس حق هوش أمي!!
ألا يحطّمك كزوجة أن تسمعين مثل هذا الكلام القاسي؟ في الوقت الذي تنتظرين فيه كلاما عاطفيا وثناء على ما صنعتِ؟! هو لا يريد أن يفهم أن الرومانسية تصرفات يقوم بها أحد الأزواج ليقول من خلالها للطرف الآخر أنه يحبه، هي أشياء تزيد من رصيدنا العاطفي لدى شريك الحياة، لماذا يسخر الرجال من بعض الأمور التي نقوم بها نحن معشر النساء؟ أتساءل دائما بيني وبين نفسي هل الأزواج يحبون زوجاتهم؟ إن كانوا كذلك فلم لا يعبرون عن حبهم؟ لماذا لا يتكلمون؟ لا ينطقون؟ لا يتصرفون وفقا لذلك الحب؟
عندما فاض بي الكيل صرخت فيه مهددة أمامك أسبوع واحد فقط كي تكون رومانسيا وإلا ... ؟؟؟ ويبدو أنه رضخ أخيرا للتهديد، كان على حين غفلة مني يشاهد بعض المسلسلات التركية، قلت في نفسي جاء الفرج فغدا أو بعد غد سأكون نور ويكون مهند، آآه كم أنا بشوق لتلك اللحظة التي يطربني فيها بكلام عذب، وتحقق ما كنت أحلم به، جاءني مرتبكا كعاشق جديد يتعلم الحب، جاءني يقدم رجلا ويؤخر أخرى
-    حبيبتي ... نور عيني (ألف الصلاة والسلام عليك يا حبيب الله محمد كولولولولي) أنا أدري إني مقصّر وياج.. ما أقول كلام غزل وعاطفة بس شو أسوي؟ هذي طبيعتي.. أنا انسان شعبي، ما أعرف حق الرومانسية بس عشان خاطرج بقول شي (هيييييه... بيقول شي بيقول شي) بس تراني شويه مرتبك ومستحي ..
-    لا عادي أفا عليك قول، أنا من زمان أتريّاك تقول
-    حبيبتي .. أنا ... أنا .. أنا ...
-    قول أسمعك
-    أبا أبدل آيل حق السيارة، ما بحصّل عندج ميتين سَلَفْ؟!
اهئ.. اهئ ... هل يلومني أحدٌ بعد كل هذا إن أطلقت عليه لقب "دِفْشْ مان"؟ هل حظ كل النساء في أزواجهن كحظي؟ أم أنني وحدي هكذا؟ يا معشر الزوجات هل تعانين مثلي من دفاشة الزوج؟ إذا كنتن مثلي فسأحتسب أجري على الله، وإن كنتُ وحدي فليس لي إلا الرضا بقضاء الله، في النهاية.. في النهاية.. أنا لم أتزوج عبدالحليم حافظ.
لكن حصل ما لم يكن في الحسبان، ويبدو أنه بينه وبين نفسه أحس بتأنيب الضمير تجاهي، وقرّر أن يبدأ صفحة جديدة معي، إليكم الحكاية، في ليلة من الليالي كنت راجعة إلى البيت من حفل زفاف في ساعة متأخرة، كان يفترض أن يرجعني بنفسه من الحفل، لكنه اعتذر بحجة أن لديه ما يقوم به، لم أكن أعلم ما سيقوم به إلا عندما رجعتُ وفتحتُ باب الصالة، يا إلهي ما هذا؟!! الأضواء مطفأة والشموع موزّعة في جميع أرجاء البيت، ورائحة اللافندر تستفزّني من جمالها، الأمر إذا مقصود لأنه يعرف أنني أعشق شمعة اللافندر، من الفرحة التي غمرتني كدّت أبكي (ياما انت كريم يا رب) أحبك يا زوجي.. كم أنت جميل عندما تكون رومانسيا، وتهتمّ بمشاعري، لم يطل انتظاري حتى خرج فارسي شهريار بابتسامة حلوة افتقدتها منذ زمن، ورغم الظلام كنت أرى في عينية بريقَ حبه لي.
-    حبيبي وروحي يا أحلى زوج في الدنيا
-    شكلج فرحانة؟
-    وايد.. وايد.. وايد
-    على شو بالضبط؟
-    على الشموع .. ليش تعّبتْ نفسك حبيبي؟
-    لا أبدا ما شي تعب، عِيلْ نحنا يقصّون علينا هيئة الكهربا؟! ويزيدون الفواتير بدون ما يخبرونا؟! أنا اللي بأدّبهم!!


هناك 7 تعليقات:

  1. لا فض جمالك ولا انقطع ..
    أول قراءة لي لإبداعك وإمكانيتك ..

    كن بسماء صافية كقلمك ..

    ردحذف
  2. بالتوفيق يا بو عمر
    حكاية خفيفة الظل كصاحبها
    أخوك / عمر الشحي

    ردحذف
  3. مقال جميل ينقلك بين حوادث الأمس واليوم وبين عدد من المتناقضات في آن واحد كالهزل والجد والفصحى والعامية وشخصية الرجل والمرأة، دائماً رائع يا استاذ عبدالعزيز .
    بوماجد 

    ردحذف
  4. إبداع ما بعده إبداع ... ومفاجاءة تتلوها مفاجأة .... الله يوفقك وننتظر منك المزيد ..
    أخوك الصغير عبدالرحمن ألبلغوني

    ردحذف
  5. رائع !

    الرجَال في هذا الجزء من العالم يرون من المنقصة أن يعبرُّوا عما بدواخلهم لزوجاتهم . ويخجلون من ذلك .

    وفي المقَابل ينزعجون بمجرد أن تقول لهم الزوجَة (شيّبت) حتّى وإن كانت حقيقَة .

    أحسنت الطرح أيها الكاتب

    ردحذف
  6. يزاك الله خير بوحارب

    عسالفة الشموع .. هذا واحد حط شموع وزين المكان حق حرمته .. ويوم دخلت عيبها انه ريلها مسولها هالشي
    وهي تمشي .. ما وعت إلا فستانها يحترق

    الحق ما تلحق يا رياااال .. وي وي ويوي ( مطافي )..

    الحرمة تتحسب انه متعمّد!!
    عقب التحقيق في مخفر الشرطة.. تبين الآتي:
    توزيعة الشموع غلط .. وما فيها ( سيفتي ) للأسف!

    الحين يبيعون شموع بلاستيكية ( تركبلها بتري )

    فيها سيفتي .. أحسن عن الحرايق

    ردحذف
  7. يبدو أنه لايوجد أمل مع هكذا رجل !‏

    خخخ يعجبني هذا الأسلوب الساخر أستاذ..

    دمت مبدعا

    ردحذف