الجمعة، 30 ديسمبر 2011

هدية الكريسماس


بقلم: عبدالعزيز بن حارب المهيري

نادى على الشغالة لتساعده في حمل الهدية التي أحضرها لزوجته، والتي اشتراها مستفيدا من العروض التي تقدم عادة في مثل هذه المواسم من كل سنة، لم يغلّفها فحجم الهدية الكبير يشفع له في أن يقدمها كما هي دون تزيين، نادى عليها يازوجتي الغالية انظري ماذا أحضرت لك، وقفت مستغربة لأنه ليس من عادته أن يحضر لها هدية في غير ذكرى الزواج، لم ينتبه لردّة فعلها السلبية لأنه في الأساس اشترى الهدية لنفسه، وحتى يبرّر فعلته زعم بأنه اشترى الهدية لها، تخيلوا في ذكرى زواجهما قبل سنتين اشترى لها عدّة وأدوات صيانة، قالت له وماذا أفعل بها؟ فأجاب إن لم تستفيدي منها فربما أستفيد أنا منها (لاحظوا الدجّال المخادع يقول ربما!!)

يا ترى ماذا أحضر لها هذه المرة تلفزيون LED  مقاس 46 بوصة والذي تستطيع من خلاله تصفح شبكات التواصل ومشاهدة اليوتيوب، المشكلة أنه لا يكتفي بإحضار الهدايا لها ويستفيد هو منها، لكن لديه (طبع خايس) فهو كثيرا ما يتمنّنُ عليها بما يحضر لها من هدايا، قال لها مرة لماذا لا تضعين في يدك الخاتم الذي اشتريته لك قبل خمسة عشر عاما وسبعة أشهر بألف وثلاثمائة وخمسة وسبعين درهما؟!! وعندما اشترى غسالة ثياب جديدة أخذ يردد على مسامعها شهرا كاملا... الغسالة الجديدة تزيل البقع وتجعل الملابس أكثر بريقا!!

أما هدية اليوم فالله وحده يعلم كم سيتغزل فيها، وكما هو متوقع فقد أصبح كل شيء في حياتهما مقترنا بالتلفزيون الجديد، قال لها أحضري لي "بوب كورن" أو "ناتشجوز" سألته مستنكرة منذ متى وأنت تأكل هذه الأشياء؟ ردّ من الآن وصاعدا لأن هذا التلفزيون أبو 46 بوصة يشعرني بأنني في جراند سينما!! عندما تُذكّره بحادثة وقعت هذا الأسبوع ويكون ناسيا لها يسألها متى بالضبط حصل ذلك؟ هل قبل شراء التلفزيون أبو 46 بوصة أو بعد شراء التلفزيون أبو 46 بوصة؟ البشرية كلّها تؤرخ بـ (ق.م) و (ب.م) أي قبل الميلاد وبعد الميلاد، أما الحبيب فقد استحدت تاريخا جديدا (ق.ت) و (ب.ت) قبل التلفزيون وبعد التلفزيون.

بعد أسبوع كان يجلس في صالة البيت في غير المكان الذي يجلس فيه عادة لمشاهدة التلفزيون، أمامه علبة مكسرات مُشكّلة (على فكرة توجد علبة مكسرات مُشكّلة حاليا في الأسواق بدون فول سوداني لمن لا يحب الفول السوداني) لم يكن يأكل المكسرات بالطريقة الاعتيادية، بل كان يقذف بالحبّة منها إلى الأعلى ثم يلتقطها بفمه، إذا شاهدتم شخصا تجاوز الأربعين يأكل المكسرات بهذه الطريقة اعلموا أن مصيبة ستحل عليه بعد قليل، رنّ هاتف المنزل (يا حلاوة يا حلاوة.. بوادر مصيبة جايّه في الطريق، خلكم معانا ولا تخوزون) ولأن هاتف المنزل عادة من اختصاص ربّة البيت نهضت ورفعت السماعة:

-     عفوا هاد منزل الاستاز غانم؟

-     هي نعم انتي منو؟

-     احنا من (قسم خدمة قياس جودة البيع) من شركة الالكترونيات اللي اخدتوا من عنّا التلفزيون الجديد، بعد ازنك مدام بدّنا نسألك شي كم سؤال؟

-     تلفزيون؟! لا أختي انت مغلطة ما خذنا تلفزيون عنكم

-     أختي مو هاد منزل الاستاز غانم ورقم جواله بينتهي بــ 257

-     هي نعم

-     مزبوط ..قبل أسبوع الاستاز غانم أخد تلفزيون، هوّ عنده بيت تاني؟

-     بيت ثاني؟ لا أجلع عينه.. هذا اللي قاصر... غنووووووم ... يا غنوموووووه وين سرت؟

الهروب نصف المرجلة، ووقع ما لم يكن في الحسبان أبدا، الشركة التي اشترى من عندها التلفزيون اتصلت به على الجوال، وعندما لم يرد حصلوا على رقم هاتف منزله من استعالامات الدليل، لكنهم لم يعرفوا أن البيت الذي اتصلوا به هو بيت الزوجة الأولى، والتلفزيون الجديد ذهب به الأخ الكريم إلى منزل الزوجة الجديدة التي لم يخبر أحدا عنها، يا هي مصيبة الزمان!! راح فيها الاستاز غانم! وتم فيها بعد استاز غانم؟! إلا غنوم.

أخذت تبحث عنه في كل مكان، احتارت رجل بهذا الحجم وهذه الكرشة أين يمكن أن يختفي؟ بحثت في كل زاوية من زوايا البيت.. في الكبت، خلف الستائر، في حمام مجلس الضيوف، كأنه فص ملح وذاب، وفي الأخير لاحظت بروزا وانحناء في سرير النوم، الحبيب مختفٍ تحت السرير، وتلك الانحناءة بسبب كرشته التي لم يستطع شفطها، ومن تحت السرير أخذ يدعو على (خدمة قياس جودة البيع) التي كشفت السر الذي أخفاه زمنا، وكان بصحبته علبة كلينكس يمسح بها دموعة كلما تخيّل ماذا سيحل به عندما تكتشف مكانه.

-     غنوم.. اطلع أقولك اطلع.. انت متزوج يا (......) (حُذفت بأمر الرقابة)

-     والله كنت بقولج بس كنت أنتظر الوقت المناسب

-     وااااشقاج يا عفرا .. وي حسيبك الله ... إلهي يحرق قلبك شرات ما حرقت قلبي.. قول آمين

-     إذا قلت آمين بتوعديني ما تسوّين فيّ شي؟

-     اظهر عشان أراويك شو بسوّي فيك... اظهر يا... (تَ تَ تَ تَ تَ تَ تَ تَ تَ) (عبارات خادشة للحياء وغير مناسبة للأطفال)

ولم يخرج من تحت السرير إلا بعد أن استخدمت معه القضيب الحديدي الذي تُعلّق عليه الستائر (معشر الرجال تأكدوا أن القضبان الحديدية لستائر بيوتكم ليست لها أطراف حادّة ومدبّبة)

اليوم أصدقاء غانم قلقون على مصيره، لأن الأطباء أخبروهم بأن الإصابات التي تعرض لها تحتاح وقتا طويلا للتشافي منها، لا سيما وأنهم لم يستطيعوا معرفة الأدوات التي استخدمت في تعذيبه، الآلة الوحيدة التي عرفوها هي مضراب الهريس لوجود بقايا منه على جمجمته، واللون الأحمر على مؤخرة رأسه قد يكون لسلندر غاز من الحجم الكبير لكنهم لازالوا غير متأكدين من ذلك حتى الآن.

الدروس المستفادة من القصة:

·      لا تشتري أبدا من محل لديهم خدمة (قياس جودة البيع) عليكم بسوق نايف أرخص وأحفظ للاستقرار الأسري.

·      إذا كان حجمك ضخما وكرشك كبيرة ابحث عن مكان أفضل - غير السرير – للاختباء فيه.

هناك 9 تعليقات:

  1. السام عليكم و رحمة الله بركاته

    هههه

    صراحة أبهرني آلمقــآل ..


    يخليني أكثر تيقظاً لزوج المستقبل :) ..

    استمر أستآذنآ ...

    فأنآ من أشد المعجبين بكتآبآتك .._^

    ردحذف
  2. مسكين غنوم انظلم دقوه وجعاتن والم ماترحيمينه حرمته آزم عويج منحطم عفرابمظراب الهريس سوت مطاريج وكدم ريالناعدكن فريس ليا تعددولتزم خالد بن محزم

    ردحذف
  3. الله يعطيك العافية يا بو عمر .... والى مزيد من التألق

    ردحذف
  4. ماشالله عليك .... هههههه

    وياليت خدمة قياس الجودة منها خير من الاساس .. حتى لو قلت لهم مب راضي عن الخدمة شو بيصير

    ردحذف
  5. مقالاتك يا بوعمر أروع من الرائعه
    اجدت فيه عيل يبدي الثانيه على الاوليه
    قالوو جديمك نديمك ..
    عساك عالقوه يابوعمر

    آمنه الشاعر

    ردحذف
  6. ابدعتنا يابو عمر
    يستاهل من الخاطر عسب يعرف قيمة الأوليه..
    والا على باله الزوجه الأولى لها تاريخ بداية وتاريخ انتهاء عافانا الله..

    ام عبدالله

    ردحذف
  7. يارب زوجي مايتزوج علي أخاف عليه مني ههههههههههه
    بدأت اليوم بقراءة قصصك
    هذي القصة روووووعه
    أتمنا لك التوفيق والنجاح أكثر فأكثر

    ردحذف
  8. قصةرائعة يا ابو عمر وفق الله

    هشام الحميري

    ردحذف