الخميس، 10 مايو 2012

فلم بوليسي



اتصلتْ به مرارا ولم يردّ، شعرتْ بالقلق فليست تلك عادته، إذ أنها بذلت جهدا كبيرا خلال السنة الأولى من الزواج في ترويضه بأن يرد عليها بعد ثلاثة رنات فقط، تماما مثل ما هو معمول به في الشركات المحترمة، وكل امرأة لا يرد زوجها على اتصالها فهو إما أصابه مكروه أو أنه مع ........ (أستغفر الله العظيم لا أدري متى ستنتهي مشكلة النساء الأزلية؟) عندما دخل البيت سألته مذعورة أين كنت؟ ولماذا لا ترد على اتصالاتي؟ وبسقطة لسان ودون أن تشعر قالت له: ما الذي ذهب بك إلى أبوظبي؟ لحظة لحظة لحظة كيف عرفتِ أني كنت في أبوظبي؟ أُسقط في يدها.. ها؟ آآآآ افترضت أنك كنت في أبوظبي لحظة لحظة لحظة (تعجبني لا تطوّفها) أنا بالفعل نسيت موبايلي في سيارة ابراهيم وكان متوجها إلى أبوظبي ولهذا السبب لم يتمكن من إرجاع موبايلي، ولكن كيف عرفت أن موبايلي ذهب إلى أبوظبي؟ طأطأت برأسها والتزمت الصمت فألهمه الله قائلا لقد أنزلتِ الخدمة التي تسمح لك بمعرفة مكان تواجدي عندما تتصلين بي.. أليس كذلك؟

بعد الظهر أرجع ابراهيم الموبايل وبينما كان الزوج نائما استغلت الفرصة في أن تفتش فيه، وبالمناسبة طقوس الزوجات في تفتيش موبايلات الأزواج تختلف ولا بأس في ذلك مادام القصد الحصول على ما يدين الزوج (وعلى نياتكم ترزقون) كانت عينها تبحث عن الأسماء الغريبة، أو التي تم حفظها بأسماء يقصد من خلالها خداع الزوجة، وهي حيلة قديمة تعرفها كل النساء، أول اسم استوقفها (منير) لم يذكر لها مطلقا أن لديه صديقا اسمه منير، إذا لا بد وأن تكون (منيرة) وليس (منير) اتصلت بالرقم ويا لهول الصدمة! ردّتْ عليها امرأة، صوتها رقيق وعاطفي، تتحدث بعربية ركيكة، وبعد شد وجذب وتحقيق قالت لها "منير ما في سوّي كلام بعدين" أستغفر الله العظيم لقد تذكرتْ إنه منير الكهربجي!! يا لسؤ الظن.. لكن ذلك لا يمنع من إعطاء سوء الظن فرصة ثانية لاكتشاف بعض جرائم الزوج، أخذت تقلب بين الأسماء سائلة الله التوفيق في أن تعثر على  شبهة فأرعبها اسم نسائي "كريستينا" اسم يبعث على القشعريرة اتصلت بها ولم ترد، في تلك الأثناء شعرت بأن الزوج يخرج من الغرفة قادما إلى الصالة، ألقت الجوال من يدها بسرعة وكأنها لم تكن تعبث به، وبمجرد جلوسه رن هاتفه، تسمّرت في مكانها إذ غاب عن ذهنها أن كريستينا التي لم ترد لابد وأن تعاود الاتصال، تناول هاتفا متساءلا باستغراب كريستينا؟ لم يرد وأدرك ما الذي كانت تقوم به الزوجة في غيابه، فقال لها كريستينا صاحبة الصالون، أما لماذا أحتفظ برقمها فلأني أتصل بها عندما تكونين عندها ولا تردّين علي.. ارتحتِ؟

بعد فترة اُضّطر مُكرها إلى إغلاق موبايله برقم سري، ليوقف فضولها في تفتيش الموبايل، اتهمته بأن في تصرفه هذا دليل على أن لديه شيئا يخفيه عنها، أبدا لكن عليك أن تحترمي خصوصيتي، ولأن إغلاق الموبايل كان دون سابق إنذار بدأت تظهر عليها أعراض انسحابية، تماما كتلك التي تظهر على مدمن المخدرات عندما تُمنع عنه فجأة، كان يعرف أن الفضول سيقتلها لمعرفة الرقم السري، وفي كل مرة يترك هاتفة ويرجع إليه يلاحظ أن يدا كانت تعبث به، لقد حاولت مرارا وتكرارا تخمين الرقم ولا فائدة، جرّبتْ كل الأرقام المحتملة، ولم يتبقَّ إلا أن تجرب رقم بطاقة الهوية للشغالة الجديدة، قال لها لماذا كل هذه المحاولات لمعرفة الرقم السري؟ أنكرت بشدة، وزعمت أنها منذ أن أغلق الموبايل لم تلمسه، لم يكن أمامه إلا أن يأتي بالدليل القاطع لإدانتها، فتح الايميل وقال لها انظري.. وإذ بها تشاهد صورها فسألته متى التقطت لي كل هذه الصور؟ ولماذا كلها متشابهة؟ ياطويلة العمر هذا تطبيق في الآيفون يلتقط صورة كل من يعبث بالهاتف دون أن يشعر ويرسلها على بريدي الالكتروني (حسيبج الله 143 محاولة ويا ليت صورة وحده عدلة ،كل الصور مطرطرة فيها عيونج؟!؟)

وتمضي الأيام والشهور.. ولاتجد ما تُسلّي به نفسها.. لأن هاتف الزوج مغلق، كم هي كئيبة الحياة ومملة، وذات يوم أخذت موبايله ووضعته على كرسي لم يعتد الجلوس عليه، وما خططت له نجح فقد أخذ الموبايل وجلس على نفس الكرسي، ولم يدرِ أن مرآة الصالة خلف ظهره وأنها قامت بتعديل زاوية المرآة ليتسنى لها مشاهدته وهو يتصفح الموبايل (هيه.. ها الحريم يوم يتكتكن ويشتغلن صح) بحركة تلقائية ضغط على أزرار الموبايل، ممتاز الخطة نجحت فقد استطاعت التعرف على الرقم السري من خلال المرآة، لم يكن يشعر بما يجري حوله وأنها كانت تراقبه، بعد دقائق ترك الموبايل أمامها على الطاولة وذهب لغرفته، استغلت غيابه وانقضت على الموبايل وضغطت على الأزرار التي رأتها... صرخت في داخلها صرخة النصر yeeeees ولأن الوقت ضيّق، وقد يرجع في أي لحظة ولابد من إنجاز المهمة بسرعة، ضغطت على sms (هاي الأيام يسمونها الرسائل النصية القصيرة) وقد كان شكّها في محله، فأول كلمة قرأتها هي (حبيبتي) ثم أكلمت القراءة وهي ترتجف: (حبيبتي مبروك عليك معرفة الرقم السري.. لم تكن حيلتك لتنطلي عليّ ،كنت أظنك أكثر احترافية، عموما لديك عشر دقائق لتفتشي في الموبايل كما تحبين، ولن تجدي شيئا، أتعلمين لماذا؟ لأنني أحبك ومخلص في حبي لك،بعد الانتهاء قومي بالنداء عليّ كي أضع رقما سريا جديدا، على فكرة صديقي ابراهيم أرسل لي نكتة جديدة عن المحششين بإمكانك الاطلاع عليها ...تحياتي)
لمتابعة كتابات ومقالات الكاتب على تويتر